تجربتي مع المواقف المدفوعة- دروس من الأحساء للرياض

المؤلف: خالد السليمان09.13.2025
تجربتي مع المواقف المدفوعة- دروس من الأحساء للرياض

كانت أولى تجاربي مع نظام المواقف المدفوعة في مدينة الأحساء تجربة محبطة، حيث اضطررت للبحث عن عملة نقدية للحصول على تذكرة الوقوف من جهاز الدفع، وبصفتي زائراً غريباً عن المنطقة، لم أكن حينها أمتلك التطبيق الرقمي التابع للشركة المشغلة، وبينما كنت في طريقي إلى أحد المتاجر القريبة لشراء بعض العملات المعدنية، لمحت وأنا أعبر الطريق رافعة تابعة للشركة المشغلة تقترب من سيارتي، مما دفعني للركض والعودة سريعاً لشرح الأمر، مؤكداً لهم أنني توقفت للتو وذاهب لإحضار العملة المطلوبة، وبالفعل تمكنت من إنقاذ سيارتي من السحب الظالم في اللحظات الأخيرة!

أما التجربة الثانية، والتي كانت أيضاً في الأحساء، فقد كانت أكثر سوءاً وإزعاجاً، فقد أوقفت سيارتي بالقرب من سوق القيصرية التاريخي وتوجهت نحو جهاز التذاكر، ولكنني واجهت صعوبة بالغة في استخدامه، لحسن الحظ، تقدم نحوي أحد موظفي الشركة المشغلة مشكوراً وقدم لي المساعدة في عملية الدفع، ومع ذلك، لم يقم الجهاز بإخراج تذكرة ورقية لوضعها على الزجاج الأمامي للسيارة، فأخبرني الموظف بأنه لا داعي للقلق، وأن أي مفتش يستطيع بسهولة معرفة رقم السيارة والوقت المدفوع من خلال النظام الموجود على جهازه المحمول، وبالتالي لا يوجد ما يدعو للخوف، ولكن المفاجأة كانت في اليوم التالي، عندما تلقيت رسالة نصية على هاتفي المحمول تفيد بتسجيل مخالفة وقوف بقيمة 200 ريال سعودي مع تحذير صارم بسحب السيارة من أي مكان في حال عدم السداد خلال فترة زمنية محددة!

بعد مرور شهرين كاملين من تقديم الاعتراضات والشكاوى، تم إسقاط المخالفة أخيراً، ولكنني شعرت بقلق بالغ حيال إمكانية تكرار هذه المشكلات والتحديات عند تطبيق نظام المواقف المدفوعة في مدينة الرياض، وخلال تواصلنا مع المسؤولين عن هذا المشروع، أكدت على الأهمية القصوى لتسهيل وتبسيط عملية الدفع قدر الإمكان، وذلك بهدف تحقيق نسبة أعلى من الالتزام والتقيد بالنظام، فالجزء الأكبر من المخالفات المرورية ناتج عن عدم قدرة السائقين على إتمام عملية الدفع بنجاح، وخاصةً كبار السن والسائقين الأجانب الذين يفتقرون إلى المعرفة بكيفية استخدام أجهزة التذاكر المنتشرة في الشوارع أو التطبيق الرقمي المخصص لذلك!

على الصعيد الشخصي، أرى فوائد جمة في تطبيق نظام المواقف المدفوعة في الشوارع والمناطق التجارية المكتظة بالمركبات، حيث أصبحت المواقف متوفرة بشكل ملحوظ، ولم يعد الموظفون والعاملون في المكاتب والمحلات التجارية يستحوذون على هذه المواقف طوال ساعات العمل، ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن يتحلى المفتشون بمرونة وتقدير عند تطبيق المخالفات، فالناس بحاجة إلى فترة كافية من الوقت لفهم واستيعاب النظام الجديد والتعود على طرق الدفع المختلفة، مع ضرورة إطلاق حملات توعية شاملة لتعريف الجمهور بالنظام وآلية عمله بشكل مفصل!

باختصار شديد.. يجب على مدينة الرياض أن تستفيد من الأخطاء والتجارب السلبية التي حدثت في مدينة الأحساء، وأن تتعلم من أخطاء المنطقة الشرقية التي دفعت بأمينها المهندس فهد الجبير لاتخاذ قرار جريء بإلغاء العقد مع الشركة المشغلة بسبب سوء الأداء وتراكم المشكلات!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة